الثلاثاء , 30 أبريل 2024
أخبار عاجلة
التشيع قوة إيران الناعمة في سوريا

التشيع قوة إيران الناعمة في سوريا

في مطلع قصيدته الشهيرة “ترصيع بالذهب على سيف دمشقي”، يتساءل الدمشقي نزار قباني بقلق حول إن كانت مرايا دمشق ستعرفه من جديد أم “غيرته السنين؟”. لامَ ابن عائلة القباني العريقة نفسه على هذا التغير، ولكن لم يخطر بباله ولو عرضا، أن دمشق التي أتاها فوجدها كما هي بأنهرها السبعة “بعد فرقة دهر”، يمكن أن تتغير.

لن يصدق نزار أنه إن أتى اليوم، بعد ربع قرن فقط على دفنه في قلب مدينته كما أوصى، ليستحضر “زمانا في الصالحية سمحا”، أو ليختبئ في “زواريب حارات” عاصمة الأمويين، أو ليلجأ إلى جبل قاسيون “قادما من مدائن الريح” ليحضنه كما احتضن منذ آلاف السنين إحدى أقدم حواضر التاريخ؛ فربما لن يعرف المدينة ولا أهلها، ولن يجد جذوره ولا قلبه ولا حتى لغته التي تركها في دمشق كما يقول في غير قصيدة، حال مئات آلاف الدمشقيين خصوصا وملايين السوريين عموما.

لم يعد مستغربا اليوم أن يسير المرء في حارات دمشق القديمة، التي تفتخر عائلات سكانها الأصليين “داخل السور” بنسبها وسكنها بها منذ مئات الأعوام، فيسمع اللهجات اللبنانية والعراقية واللغات الإيرانية والباكستانية والأفغانية. كما لم يعد خارجاً عن المألوف، مشهدُ مسيرات اللطميات ومواكب العزاء الشيعية، الغريبة عن الشام والشوام ذوي “الهوى الأموي”، من قبل من

يوصفون بـ”الزوار” و”السياح الدينيين” الذين يأتون شهريا بعشرات الآلاف.

في الوقت نفسه، يتزايد بشكل متوازٍ شراء الإيرانيين للبيوت والعقارات في قلب دمشق، مع تأسيس المراكز التعليمية الشيعية والحوزات والحسينيات، بينما تكثر الحرائق “العرضية” في أحيائها وأسواقها وبيوتها التاريخية. رغم كل ذلك، فالمشهد على تخوم دمشق، في بلدات كبلدة السيدة زينب على سبيل المثال، أكثر سواداً، مع تحول البلدة إلى ما يصفه البعض بـ”المستوطنة الإيرانية“.