14-2/2024_09:03
لقد ضرب الإنسان الفلسطيني منذ بداية النكبة العربية وإلى يوم الناس هذا أروع الأمثلة في التضحية والفداء والبسالة للدفاع عن حقوقه المشروعة، وتجسدت تلك المعاني في معركة طوفان الأقصى، إذ يحمل المواطن الغزاوي على كتفه عبء الذود عن شرف هذه الأمة في مواجهة خمس دول كبرى بآلاتهم العسكرية الفتاكة ومن خلفهم عشرات الدول الغربية؛ وربما غير الغربية، بالسلاح والمال والدعم السياسي للمحتل الإسرائيلي، أو بالصمت العاجز قليل الحيلة، ليدفع أهل غزة ثمن صمودهم دما وحياة.
قالوا قديما: (الحق ما شهدت به الأعداء) فقد نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية افتتاحية إبان عملية سيف القدس قال كاتبها: (إننا نتعرض لحرب لسنا من نديرها.. وبالتأكيد لسنا من ينهيها خاصة وأن المدن العربية في إسرائيل فاجأت الجميع بهذه الثورة العارمة ضدنا بعد أن كنا نظن أنهم فقدوا بوصلتهم الفلسطينية.
ويسترسل الكاتب إلى أن يقول: (إنهم فعلا أصحاب الأرض ومن غير أصحاب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدي، وأنا كيهودي أتحدى أن تأتي دولة إسرائيل كلها بهذا الانتماء وهذا التمسك والتجذر بالأرض) وتعنون افتتاحية أشهر صحيفة عبرية بعنوان (الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم)، شهادة يجب أن توضع في كل مواجهة يصمد فيها أهل غزة رغم المعاناة.
لكن العالم العربي مليء بالمدن غير غزة تعاني ويقدم أهلها التضحيات، يقول أحدهم، فالصومال يعاني منذ ثمانية وعشرون عاما، قتل عشرات الآلاف وهجر أغلب أهله وعاشوا المجاعة والفقر ولا يزالون، والعراق يعاني منذ مطلع التسعينيات بالحصار ثم الغزو والتخريب والدمار، ويعاني جزء من أهله الاضطهاد والتهميش والاعتقال والقتل على الهوية والإخفاء القسري، واليمن ليست أحسن حظا من العراق وتعاني ما يعاني على يد نفس اليد الطائفية التي تمسك بالسلاح، فتقتل وتدمر وتقصف المدن وتهدم الدور على رؤوس ساكنيها، حتى بات أكثر من ثلثي اليمنيين مهددين بخطر المجاعة وتفشي الأمراض،