وكالة الاتصال – قال موسى فال رئيس الحركة من أجل التغيير الديمقراطي إن “بعض الرسائل وبعض التصرفات قد جعلتهم في منتدى الديمقراطية و الوحدة يعتقدون أن الأجندة التي أعلنت في مدينة النعمة قد تم التخلي عنها. وكان ذلك أحد الشروط التي طرحها المنتدى. وهذا هو ما جعلهم – يقول موسى فال ـ يفتحون الباب من جديد للاتصالات غير الرسمية”.
و قال موسى فال الذي كان يتحدث لصحيفة القلم الأسبوعية “إن الشرط الذي يطرحه المنتدى للدخول في مثل هذا الحوار هو التوصل الى اتفاق إطاري يؤكد جدية كل من الطرفين في الدخول في مسار تحاوري بناء”.
و أضاف القيادي في منتدى المعارضة أنه “لا يمكن أن يكون هناك حوار وطني شامل بدون تكتل القوى الديمقراطية” و أكد أنه يعتقد أن “أن تكتل القوى الديمقراطية غير رافض للحوار، ولكن له مقاربة مغايرة ناتجة عن تجربته الذاتية في هذا المجال. تراوده شكوك أكثر وينتظر حتى يرى ما ذا سيحدث”.
و تعرض موسى فال في مقابلته للاعتقالات الأخيرة فقال إن “ التظاهرات التي قام بها شباب من “إيرا” و “25 فبراير” و “ماني شاري كزوال”، والقضايا التي طرحوها مبررة تماما” و لكنه أضاف أن “بعض الأعمال التي قام بها بعض هؤلاء الشباب مؤسفة، ذلك أنه يجب على الجميع احترام الملكية الخاصة، والسلامة الجسدية لجميع المواطنين بمن فيهم المسؤولون، وحرمة المباني والمؤسسات العمومية، ومع ذلك، فإن ردة فعل السلطات كانت مفرطة” يقول موسى فال.
و بخصوص الاتفاق الذي توصلت له الدولة مع شركة “تازيازت” يقول فال “لنظرة الأولى توحي بأن الاتفاق الذي تم التوصل اليه مع “تازيازت” اتفاق جيد، رغم أنه كان يمكن التوصل اليه منذ وقت طويل وبطريقة أقل عنفا”.
و بخصوص فضيحة “أسمدة سونمكس” يقول موسى فال إنه لا يرى “الحرب على الفساد التي فالرقابة لم تعد تمارس بشكل منتظم وشامل ويترك المجال لتراكم الاختلاس حتى يتجاوز كل الحدود المعقولة.. فوكر الفساد الحقيقي ـ يقول موسى فال- حيث تزدهر الرشوة وصفقات التراضي بالمليارات، فإنه في مأمن من الرقابة والتفتيش والمحاسبة”. و أضاف القيادي المعارض “أن الحرب على الفساد التي أعلنت وتم التطبيل لها في سنة 2008 قد اختفت عندما تم بلوغ الهدف المراد منها وهو تثبيت النظام الحالي”.
و فيما يلي نص الحوار كاملا:
موسى فال، رئيس الحركة من أجل التغيير الديمقراطي،
عضو المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة.
بعد توقف طويل بسبب القمة العربية من بين أمور أخرى، ها هي الحكومة تريد العودة الى الاتصالات التمهيدية مع المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة. ومن أجل ذلك شكلت لجنة وطلبت من المنتدى تشكيل أخرى ليتمكن الطرفان من اللقاء من أجل انطلاقة جديدة للعملية المتعطلة منذ وقت طويل. هل ترون أن هذه المقاربة ناجعة ؟
جواب : فعلا، لقد حدث توقف لأن بلادنا كانت تستعد لاستقبال ضيوف أجانب، وبالتالي لم يكن الظرف مناسبا لإبراز مشاكلنا الداخلية. بل كان من الضروري استقبال هؤلاء الضيوف بكرامة واحترام طبقا لما تمليه قيمنا.
أما فيما يتعلق بالحوار، فإنكم تعلمون أن السلطة كانت قد بدأت مقاربة أحادية، وهي المقاربة التي كنا قد رفضناها. بعد ذلك فإن بعض الرسائل وبعض التصرفات قد جعلتنا نعتقد أن الأجندة التي أعلنت في مدينة النعمة قد تم التخلي عنها. وكان ذلك أحد الشروط التي طرحها المنتدى. وهذا هو ما جعلنا نفتح الباب من جديد للاتصالات غير الرسمية. إن الهدف من هذه الاتصالات هو التفاهم حول الطرق والوسائل الأكثر نجاعة لفتح حوار رسمي شامل مع السلطة. إن الشرط الذي يطرحه المنتدى للدخول في مثل هذا الحوار هو التوصل الى اتفاق إطاري يؤكد جدية كل من الطرفين في الدخول في مسار تحاوري بناء. يجب أولا تخطي هذه المرحلة قبل التوجه نحو اللقاء بين وفدين من الطرفين بصورة رسمية. وبالتالي فإنني أرى أن تشكيل وفد مفاوض من طرف السلطة أمر سابق لأوانه.
المنتدى لم يشكل بعد لجنته للحوار، فهل سيقوم بذلك كما طلب منه الرجل المكلف بالحوار من طرف السلطة ؟
جواب : المنتدى يوجد حاليا في فترة تجديد هيئاته. وكما قلت لكم آنفا، فإن لقاء رسميا بين وفدين من الطرفين لا يزال سابقا لأوانه.
هل تفهمون موقف الحكومة، حيث أنها تبدو أحيانا تستعجل الحوار وأحيانا أخرى تحجم عنه؟ لماذا تصر الحكومة كل هذا الاصرار على الحوار؟ ما ذا سيفيد هذا الحوار بالنسبة لرئيس تنتهي مأموريته الأخيرة 2019 ؟ وما الذي يمنع النوايا الحسنة لدى هؤلاء واولئك من أن تتجسد؟
جواب : إنكم تطرحون هنا جملة من الأسئلة الجيدة. فعلا، فإن السلطة متذبذبة في مقاربتها. أحيانا تبدو وكأن ارادتها هي توسيع الحوار الى جميع الشركاء. وأحيانا أخرى تتبنى ديناميكية إقصائية كما ورد في خطاب النعمة. إن أسباب هذا التأرجح يجب البحث عنها ضمن النوايا الخلفية للنظام. فما هي هذه النوايا وما هو الذي يريد النظام أن يصل اليه؟ هذه الأسئلة هي التي نريد الوقوف على كنهها حتى لا ننخرط في عملية خداع خاسرة .
لماذا يصر النظام كل هذا الاصرار على الحوار، وما ذا سيستفيد منه في الوقت الذي يوجد في آخر مراحل مأموريته الأخيرة ؟ أعتقد أن رئيس دولة سيغادر السلطة له كل المصلحة في أن يترك بعده وضعية سياسية طبيعية. إنه أفضل عمل يمكن أن يقدمه. أما أن يغادر السلطة بعد أن قام بانقلابين ويترك البلد في الأزمة المؤسسية التي يوجد فيها حاليا، فإن ذلك سيثقل لا محالة حصيلته السلبية ويزيد من تشويه الصورة التي سيحتفظ بها التاريخ عنه. وعليه، ولكي أكون إيجابيا، وبدون أن أصدق ذلك كثيرا، فإنني أتمنى أن إرادة السلطة هي تهيئة التناوب سنة 2019 في ظروف ديمقراطية وهادئة. فبعد التصريح العلني بعدم الترشح لمأمورية ثالثة يجب رفع العائق الأخير المعطل لترسيخ الديمقراطية في البلد، ألا وهو ضمان حياد الدولة ومؤسساتها في المنافسات الانتخابية. وبالنسبة لنا فإن حكومة حيادية وتوافقية هي وحدها الكفيلة بتحقيق هذا الحياد. ذلكم هو مطلبنا المركزي، وذلكم هو الاصلاح الكبير الذي نريد له أن يخرج من الحوار المتوقع.
أما الفرضية الثانية، والتي يجب أخذها بعين الاعتبار بصورة جدية، فتتمثل في محاولة وجود غطاء من طرف المعارضة لاستمرار النظام التسلطي القائم. إن العمل على سد الطريق أمام هذه الفرضية هو ما جعل المنتدى يتريث لمعرفة النوايا الحقيقية للسلطة من أجل إحباط أو رفض الدخول في مخطط ماكيافيلي لا يمكن قبوله.
أما اذا كانت الأطراف تتقاسم حسن النوايا الذي ذكرتم فلن يكون هناك عائق كبير في وجه فتح حوار وطني شامل ستكون له نتائج جد إيجابية على البلد.
القطب الآخر من المعارضة التي توصف ب”الراديكالية”، مثل تكتل القوى الديمقراطية، لم يتلق دعوة لهذا اللقاء. ما هو رأيكم في الموضوع ؟
جواب : اعتقادي هو أن تكتل القوى الديمقراطية غير رافض للحوار، ولكن له مقاربة مغايرة ناتجة عن تجربته الذاتية في هذا المجال. تراوده شكوك أكثر وينتظر حتى يرى ما ذا سيحدث. وأنا مقتنع من أن التكتل سيأخذ بعين الاعتبار نتائج اتصالات المنتدى إذا ما أفضت الى نتائج ملموسة. وعلى كل حال لا يمكن أن يكون هناك حوار وطني شامل بدون تكتل القوى الديمقراطية.
هناك داخل المنتدى من يتهمون الحكومة بأنها تريد من وراء هذا التصرف شق جبهة المعارضة. هل أنتم مع هذا الرأي ؟
جواب : كما قلت آنفا، فان الامر يتعلق بنوايا السلطة. اذا تأكدت فرضية الخطة الماكيافيلية فإنها ستبذل كل جهدها لتقسيم المعارضة، علما بأن معارضة حقيقية وملتزمة لن تقبل أبدا بتمرير هذا المخطط.
انعقدت أخيرا القمة العربية كما كان مقررا لها في نواكشوط. الحكومة تفتخر بنجاحها في الوقت الذي لم يتردد فيه البعض في وصفها بالفشل بسبب ضعف تمثيل دول الخليج وبعض الدول الوازنة مثل مصر والمغرب وتونس. ما هو رأيكم في المنتدى ؟
جواب : لقد لاحظ الجميع أن المعارضة انتهجت سلوكا مسؤولا قبل وأثناء انعقاد القمة. الآن وقد انتهت القمة لا يمكنني أن اعطيك رأي المنتدى لأن له قنواته الخاصة للإعلام. وفيما يخصني، فإنني أعتبر أن الأمور جرت، على المستوى الوطني، بصورة حسنة الى حد ما على الرغم من بعض العثرات. أما على المستوى العربي والدولي، فإن القمة كانت فشلا. إن بعض المراقبين المطلعين يصفونها بأنها القمة الأخفض تمثيلا والأقصر مدة (يوم واحد) والأقل نتيجة في تاريخ القمم العربية. وبالمناسبة، يجب توجيه الشكر لأمير دولة الكويت الذي أصر على حضور هذه القمة رغم حالته الصحية ورغم تصرفاتنا غير اللائقة تجاه بلده.
ألا ترون أن الحكومة قد رفعت تحديا كبيرا بتأمينها للضيوف وتأهيل بعض الطرق وتزيين جزء من العاصمة ؟
جواب : إننا لم نعد في زمن البطولات والملاحم. إننا في زمن يجب فيه أن تكون الأمور مدروسة بصورة منهجية ومعقلنة، بعيدا عن العواطف والتحديات. هل كان الأمر بكل هذا الاستعجال؟ لا! لقد كان بالإمكان برمجة القمة في السنة القادمة. هل كانت موريتانيا مستعدة؟ كلا! كل الأعمال التي قيم بها انجزت بعجالة وبأسعار زائدة وجودة منخفضة. أما تأمين الضيوف فلم يطرح مشاكل كبرى لأنه لم يظهر أي تهديد لمواجهته. فعلا، لقد بذل مجهود محمود لتحسين الطرق. ولكن لننظر الى الوجه الآخر للأمور حتى يكون حكمنا متوازنا. ما ذا كلفت هذه الأشغال؟ ما هي جودتها الفنية؟ ما هي الاجراءات المتبعة لمنح الصفقات؟ من الذي استفاد من هذه الصفقات؟
هل تمكن معرفة ما ذا جلبت هذه القمة لموريتانيا وما ذا كلفتها ؟
جواب : ما يمكن أن أقوله هو أن النفقات العمومية ارتفعت بشكل كبير جدا خلال أشهر ابريل ومايو ويونيو. أرقام شهر يوليو لم تنشر بعد. ولم ألاحظ أي واردات خارجية تذكر على موقع الخزينة العامة. وقد تعمق العجز الاجمالي للميزانية بشكل كبير خلال الربع الثاني من السنة.
لقد تم توقيف عدد من مناضلي حركة “إيرا” و25 فبراير” و”ماني شاري كازوال”، وقد حكم على بعضهم ولا يزال البعض الآخر ينتظر المحاكمة. ما هو رأيكم في هذه الاعتقالات وفي التهم الموجهة لهؤلاء المناضلين ؟
جواب : إن للشباب في بلادنا مبررات كثيرة للتمرد، كما أن تعبيره عن استيائه مشروع، بل إنه عامل من عوامل التغيير. وقد شاهدنا أخيرا تظاهرات قام بها شباب من “إيرا” و “25 فبراير” و “ماني شاري كزوال”، والقضايا التي طرحوها مبررة تماما. فمثلا، من غير اللائق إبعاد السكان أكثر من كيلومتر واحد عن المكان الذي تعهدوه وينالون منه وسائل عيشهم المتواضعة. كما أنه من غير المقبول الإبقاء على أسعار المحروقات على ما هي عليه في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط الى أدنى مستوياتها. إن بعض الأعمال التي قام بها بعض هؤلاء الشباب مؤسفة، ذلك أنه يجب على الجميع احترام الملكية الخاصة، والسلامة الجسدية لجميع المواطنين بمن فيهم المسؤولون، وحرمة المباني والمؤسسات العمومية.
ومع ذلك، فإن ردة فعل السلطات كانت مفرطة : اعتقالات طالت أوساطا خارجة عن الدوائر المعنية مباشرة خاصة بالنسبة لمناضلي “إيرا”، وأحكام بالسجن لا تتناسب إطلاقا مع حجم الوقائع المدانة. كما أنه تم الحديث عن سوء المعاملة أثناء الاعتقال وخلال فترة السجن.
وبصفة عامة، يلاحظ تراجع واضح للحريات في البلد. هذه الأعمال القمعية تنضاف الى التضييق على الأحزاب السياسية التي أصبحت ملزمة باستصدار إذن مسبق لتنظيم نشاطاتها في الفنادق.
إننا ندين بشدة هذا القمع وهذا التراجع في الحريات. وعلى كل حال فإن المنتدى ينوي تنظيم تظاهرات قوية لسد الطريق أمام هذا التصلب وهذا التراجع ومن أجل استعادة الحريات التي تم الحصول عليها بثمن غال.
ما هو رأيكم في الاتفاق الذي توصلت اليه الدولة مع شركة “تازيازت” وهل سيمكن استئناف نشاطات هذه الشركة واستغلال الغاز الذي اكتشف في عرض البحر على الحدود الموريتانية السينغالي من إعطاء نفس للاقتصاد الموريتاني الذي انهكه تدهور أسعار المواد المنجمية ؟
جواب : النظرة الأولى توحي بأن الاتفاق الذي تم التوصل اليه مع “تازيازت” اتفاق جيد، رغم أنه كان يمكن التوصل اليه منذ وقت طويل وبطريقة أقل عنفا. الشركات الأجنبية التي تستثمر في بلادنا، وكذلك الشركات الوطنية، تجب احاطتها بكل العناية التي تبعث لديها الثقة لممارسة نشاطاتها. وبالمقابل يجب على هذه الشركات احترام النظم المعمول بها واحترام كافة التزاماتها تجاه البلد. وإذا ما تمت ملاحظة مخالفات فيجب التعامل معها بكل حزم ولكن بدون عنف. إن تصرف السلطات تجاه “كينروس” وغيرها من الشركات قد يكون مبررا، ولكن الشكل الذي اتخذه ظهر أنه ضار بالسير الطبيعي لهذه الشركة. فقد اضطرت الشركة لتوقيف بعض نشاطاتها في الوقت الذي كانت فيه خارجة لتوها من إضراب دام شهرين.
وحول الشق الآخر من سؤالكم، فلا أرى أن العوامل التي ذكرتموها يمكنها أن تغير المعطيات الاقتصادية هذه السنة. فشركة “تازيازت” مرت بظروف صعبة واستغلال الغاز ليس على الأبواب.
قضية اختلاس السماد الذي كان مخصصا للمزارعين تحدث ضجة منذ عدة أيام. ما ذا تعني بالنسبة لكم هذه الفضيحة في بلد تتظاهر فيه السلطات العمومية بشن حرب على الفساد؟
جواب : أنا لا أرى الحرب على الفساد التي تتحدثون عنها. فالرقابة لم تعد تمارس بشكل منتظم وشامل ويترك المجال لتراكم الاختلاس حتى يتجاوز كل الحدود المعقولة. ذلك هو الحال بالنسبة لروصو، كما كان هو الحال بالنسبة لممثليات الخزينة العامة في الداخل. في الوقت الراهن لا تطال المتابعة سوى مسؤولي هذه الممثليات أو بعض الوكلاء المأمورين. أما وكر الفساد الحقيقي، حيث تزدهر الرشوة وصفقات التراضي بالمليارات، فإنه في مأمن من الرقابة والتفتيش والمحاسبة.
هناك اختلاسات كثيرة بقي مرتكبوها بدون أي عقاب، ونرى حالات من الثراء غير المشروع لا تخضع لأي نوع من المساءلة والتدقيق من طرف السلطات العمومية. القانون المتعلق بالتصريح بالممتلكات ونشرها معطل منذ 2008. إن الشفافية حول تطور هذه الممتلكات مؤشر أساسي لقياس مدى جدية مكافحة الرشوة.
أما قضية السماد فإنها لا تزال قيد التحقيق وبالتالي لا يمكنني الحديث عنها قبل توفر المزيد من المعلومات. ولكنني أخشى أن تسقط في سلة النسيان ككل القضايا التي سبقتها.
وبصفة عامة، فإن الحرب على الفساد التي أعلنت وتم التطبيل لها في سنة 2008 قد اختفت عندما تم بلوغ الهدف المراد منها وهو تثبيت النظام الحالي. كما اختفت شعارات أخرى مثل محاربة الفقر التي عرف المواطنون مدى زيفها.